The 2-Minute Rule for المرأة والفلسفة
Wiki Article
كان من النتيجة الطبيعة لذلك أن تخرج للنسوية تيارات متباينة في مناهجها ومتضاربة في جوابها عن الأسئلة إذ كان بين مناهلها بؤن بائن، ولم تصبغ بلون واحد، بل نجد عندها أكثر من ذلك، فكل تيار أبدى شكّا في جدوى المناهج الفلسفية التي تشبث بها غيره. فالنسوية التحليلية تتبجح بالوضوح والتمييز اللذين تتحلى بهما الفلسفة التحليلية وبعض مدارس الفلسفة القارية عطل منهما. ولكن ترد النسوية غير التحليلية عليها بأن الغنم بالغرم، فهذه الميزة تأتي على حساب أشياء، منها التنوع في البيان والفصاحة في الأسلوب، ومنها عناق الأمر الواقع وعدم البعد منه.
فيضم بعضهم صوته إلى أنصار النسوية في معاييرهم للتعامل مع المرأة، ولكنه ينشق عنه في وصف حالها، ويرى أنها على ما يرام، ثم بعضهم يرى تلك المعايير نفسها مختلة، وأن المنظور النسوي السياسي معوج.
في العهد اليونانيّ، وحين النظر لمؤسس علم المنطق الصوريّ، والفيلسوف السياسيّ أرسطو، فإنك قد تُفاجأ إن عَلِمت أنه يقرر أن المرأة لا تصلح إلا للإنجاب، وأنه لا يمكنها أن تمارس الفضائل الأخلاقية مثل الرجل، فهي مجرد مخلوق مشوه أنتجته الطبيعة.
لست نسويا، ولكن سرني أن اللاعبات البارعات أصبحن يحظين بمكانة في “مؤسسة النساء الدولية لكرة السلة”. فإذا كان الانتماء النسوي له الشقان: المعياري والوصفي، فليس بعيدا أن نجد من يتمسك بأحد الشقين وينزع يده من الآخر، فيمكن أن يأتي واحد معترف بحرمان المرأة في مواضع، من غير أن يصب اعترافه هذا في إطار نظرية أخلاقية، (خاصة إذا كان الإطار غير واضح القسمات)، ويأتي ثان عاقد لقلبه على نظرية أخلاقية مستحسنة لتساوي المرأة مع الرجل، من غير أن يعترف بحالات في الحياة اليومية غير منسجمة مع مقتضى النظرية (خاصة إذا كان مقتضى النظرية لايعرف له حد ولا أمد).
العادات السبع التي تُفضي إلى السعادة عند الشيخوخة
فما نعني بالضبط عندما نقول: “تعرضت المرأة للضيم على أساس جنسها أو أنوثتها” أو “واجهت المرأة إساءة من حيث إنها المرأة” فما المراد بهذه الحيثية؟ أبصدد ما يفسر الظاهرة نحن أم بصدد ما يبررها في نظام معين؟ فلنجل هذا الفرق بما يلي:
مما جعلها شخصية محورية في الفلسفة القديمة. كانت تُعتبر مصدر إلهام للعديد من المفكرين في عصرها، حيث أثرت في تفكيرهم وأساليبهم في البحث عن الحقيقة.
فاغتصاب نساء البوسنة مثال لما تقاطع فيه أكثر من عامل للإفضاء بالضيم إلى المرأة. فهن تعرضن للاغتصاب لأنهن نسوة ولأنهن بوسنيات.
لاتظنن –أيها القارئ الكريم– أننا نستعرض هنا تاريخ النسوية من حيث مجموعة الأفكار والرؤي أو من حيث سلسلة من الحركات السياسية، ولكنا نرسم هنا للمصطلح من الإطلاقات ما يهم دراس الفلسفة النسوية المعاصرة.
ولكن حين تُقرّر المرأة دخول عالم الفلسفة، لابد أن تُضاهي مقدرة الرجل العقلية.
ثم الخيوط التي تنتظم هذه المناهج النسوية المختلفة والتي تسوغ وصف كل منها بالنسوية هي مبادئ، يلتزم بها كل منها، ونقد للمؤسسات والأحكام المسبقة والسلوك التي تؤثر الذكر على الأنثى على مر التاريخ نقدا شاملا عاما. فهي تصيب بسهام النقد الرواية الفلسفية التقليدية التي تدعي الشمول والآفاقية والموضوعية، وتغفل عن ما في منازعها ومذاهبها من الخصوصيات الذكورية والنزوع إلى الذاتية الرجالية. ثم تولي الفلسفة النسوية اهتمامها بتاثير الميول الشخصية في تكوين الفلسفة وبالعوامل التاريخية التي أدت إلى تشكيلها اهتماما أبلغ مما تفعله غيرها، وكذلك تعنى بالتجارب والوقائع التي نعيشها أكثر من عنايتها بالجانب النظري الأصولي. فالفلاسفة من الشيعة التقليدية يجردون الأسئلة في أدمغة البشر من تجاربها وواقعها ويصبها في راقود تجريدي فكري ويعتنون بهذا بجدية بالغة، ولكن الفلاسفة من اللفيف النسوي لايجنحون إلى هذا التجريد، بل ينظرون إليها مجسدة في أناس أحياء يرزقون.
على المرأة أن تكون سيدة الموقف، ويحق لكِ أن ترفضي وتقبلي ما هو مناسب لكِ وأن تحاكمي النصوص الفلسفية بوعي، كل ما تريد معرفته لا باستسلام أما على الصعيد العربي، فقد ذكرت إليزابيث كساب لـ "ميدان"، "أن النظرة الدونية ما زالت حاضرة تجاه المرأة في حقل الفلسفة حتى يومنا، وهي تتحدى على مستويين، على صعيد المهنة، والفكر. فالذكور لا يتصورون أنهم وصايا فقط، بل يأتون وفي مخيالهم أنهم أصحاب المهنة، وأن المرأة جاءت إليهم من الخارج، أي من خلفيات غير فلسفية، وهذا الأمر يسهل عليهم الاستخفاف والاستعلاء والاستقواء.
والذين يجمعون بين النسوية والليبرالية صدعوا بأن القيم الليبرالية في الحقيقة متحيزة وناظرة إلى جنس معين. والذين يجمعون بين النسوية والمعرفة لفتوا النظر إلى أن الرواية المعرفية تهتم بما يعرف، لابما لايعرف. فالصور الحقيقية لجانب المعرفة لاتتشكل بغير أن نصرف اهتمامنا إلى “الجهل”، ويسمون مثل هذه الرواية المعرفية التي تهتم بالجهل اهتمامها بالعلم “معرفيات الجهل”. فعصارة الأمر أن النسوية ضربت في أودية الفلسفة من أقصاىها إلى أقصاها، وعثرت على التعصبات الكامنة المستترة بأردية التحيز والموضوعية والعموم والشمول، وتدعو إلى شطب ما بدأنا به هذا الحديث من دعوى الفلسفة على مر التاريخ، وهو أن المعيار ما لايخص، وكان عاما شاملا، بل المعيار على مر التاريخ كان متأثرا بالنزوع الذكوري.
في الختام، يمكن القول إن الفلسفة قدمت عبر تاريخها تصورات متنوعة عن المرأة، بعضها كان داعمًا لتحررها ومساواتها، والبعض الآخر كان جزءًا من التمييز ضدها.